السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيماء ... قلب انثى
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه القصة من وحي الخيال و لا ترتبط بالواقع بأي شكل , أهدي هذه القصة إلي حبيبة قلبي ,
هذه
الصور للممثلة و عارضة الأزياء الأوكرانية أولجا كوريلنكو و التي حصلت على
الجنسية الفرنسية عام 2001 , و اشتهرت بأداء دور الفتاه في فيلم كم من
العزاء ، أحد أفلام سلسلة جيمس بوند . . .
محمود غسان
28/3/2011
استيقظت شيماء من
سريرها بتثاقل مرتدية بذلة رياضية وردية اللون , فنظرت إلى الساعة التي
بجوارها فرأتها تشير إلى الثامنة صباحا , فصرخت و قالت : " واو .... لقد
تأخرت لا لا لا ..... "
نهضت إلى الحمّام و
غسلت وجهها و أسنانها و أخذت تتأمل شعرها الأسود القصير بيديها التي اعتادت
إلى ان تجعله ممشطا دائما , ثم أخذت ترتدي ملابسها كي تستعد للذهاب إلى
كلية التجارة بعد إجازة عيد الأضحى المبارك , ارتدت جيبة سوداء و "بادي"
اصفر و مرتدية حول كتفيها وشاح بني , أخذت حقيبتها الأنثوية و تأكدت بأن
هاتفها بحوزتها , فانطلقت نحو كليتها بواسطة سيارة أجرة ......
دخلت مدرجها متأخرة قليلا , فالتفت إليها المعيد يحدثها بنبرة حادة : " ما الذي أتى بك متأخرة ؟ "
ردت بهدوء : " أنا آسفة و لكن كانت زحمة الطرقات "
- " اضبطي مواعيدك الاختبارات النهائية بعد يومين , تفضلي الآن إلى مقعدك لا يوجد لدينا وقت ... هيا "
أحرجني
ذلك المعيد وسط جميع أصدقائي و وسط كريم حبيبي الوحيد الذي اخترته من وسط
الكثير و اختارني من وسط جميع الطالبات اللاتي يفقن جمالا عني , و سوف
يتقدم لخطبتي بعد انتهاء هذه السنة الدراسية . . .
مررت
وسط المقاعد واحد يلو الأخر و أعين جميع الطالبات تحدق بي و كأني وقعت في
شبكة الصيد , حتى وصلت إلى مقعدي و التي تجلس بجواري هناء رفيقة الكفاح . .
. .
جلـَست بجوارها فنظرت إلي و قالت بصوت خافت : " ما الذي أخرك هكذا ؟ "
قالت لها أيضا بصوت خافت : " زحمة المرور "
فنظر إليها كريم من على بعد و أبتسم إليها , فبادلته الابتسامة , فأخرجت من
حقيبتها كتاب و كشكول و قلما و أخذت تتابع المعيد حتى انتهت المحاضرة ...
جلـَست شيماء في حديقة الجامعة و بجوارها هناء و أخذتا تتبادلان الحديث في عدة أمور .
هناء : " ماذا فعلتي أمس ؟ "
وضعت شيماء حقيبتها تحت أقدامها و قالت : " لا شي , فانا لم أطق الحفلة
بأكملها لذلك غادرت منذ أول ساعة , لم يعجبني الأمر و ذلك منير كان هناك و
أنتي تعلمي بأني لا أطيقه "
ضحكت هناء : "
أتمنى أن اعرف سبب كراهيتك له بالرغم و انه لم يتحدث معك ولا مرة و لم يحتك
معك أبدا , و غير ذلك بأن لديه شخصية قوية وسط الطلبة "
-
" نعم ذلك صحيح انه شاب وسيم و متفوق في دراسته و مؤدب , و لكن أحس بأنه
مغرور و العقل الشرير لـكريم لذلك أود اليوم اقتصاصه من جذوره "
ضحكت مرة أخرى فرأت هناء بأن كريم قادم من على بعد متحمس و يتحرك بهدوء نحوها ,
فقالت لها : " شيماء ...... , كريم قادم "
فالتفت إليه بشغف مع ابتسامة سريعة و هي تحرك شعرها بيدها
ثم أعادت انتباهها إليها و قالت : " هناء لا تتركيني "
فأقترب كريم منها أكثر و وقف أمامها قائلا : " شيماء حبيبتي "
فرفعت رأسها إليه بخجل : " كريم كيف حالك "
و عندما أحست هناء بأنها ضيف غير مرغوب فيه انتصبت و لملمت كتبها و قالت :
" شيماء سوف انتظرك في الكافتيريا إلى أن تنتهي " , قالتها و غادرت بينما
كانت تحاول شيماء ان توقفها بقولها : " هناء انتظري هناء ... " , و لكن لم
تعرها اهتماما و مضت سيرها ..
و هنا جلس كريم الشاب الوسيم بجوارها بكل وقار و أمسك يديها و قال : " انا أحبك "
أصابها الخجل مما جعلها تتوتر و تبعد يديها بهدوء , مما أصاب كريم الإحراج و
لذلك تَنَهَّدْت و حدثته عن عمله في ما بعد الجامعة فرد قائلا : " لا أعلم
يا شيماء العمل أنها مشكلة عويصة في هذه البلاد , و لا أريد ان ارتبط بكي
إلا ان أجد عملا "
- " أي انك لن تتقدم لأبي إلا عندما تجد عملا أولا أليس كذلك ؟ "
- " لا لا لا , سوف اخبره بأني أريدك لي و سوف اخبره بأني لن أطلبك منه
رسمي إلا عندما أجد عملا , لن ينقصني سوا أثاث بيتي , و سوف ننتقيه سويا في
ما بعد الخطوبة , ما رأيك ؟ "
و هنا رن هاتفها المحمول فأخرجته من حقيبتها و قالت له " انه أبي "
فردت عليه و قالت : " مرحبا أبي "
- " مرحبا يا ابنتي أين أنتي "
- " انا في الكلية , ما الأمر .؟؟ "
- " لا لا , و لكن لا تتأخري , حسنا "
- " حسنا أبي , مع السلامة " و أغلقت هاتفها وقالت له : " انا آسفة يا كريم و لكن عليّ الذهاب "
-
" حسنا " فقامت و أخذت حقيبتها و ودعته بيديها و غادرت الحديقة و ذهبت إلي
الكافتيريا حيث هناء تنتظرها , فجلـَست بجوارها على الطاولة فقالت لها
هناء : " هل تريدي ان تشربي شيئا ؟ "
بسرعة : " لا لا , انا أريد الذهاب هل سوف تأتي معي ام لا ؟ "
- " ما الأمر "
- " لا شيء و لكني تأخرت "
- " حسنا " و قامت هناء بدفع الحساب الى النادل و غادرتا الكلية معا .....
*****
دخلت شيماء بيتها فوجدت أبيها جالس على الأريكة و يشاهد التلفاز فناداها كي تجلس بجواره ...
فجلـَست بجواره بينما هو مازال يشاهد التلفاز بشغف , فجاءت أمها مستغربة لوجودها فقالت :
" شيماء متى أتيت ؟ "
- " الآن "
- " ممتاز جدا الغداء سوف يكون جاهزا بعد دقيقة " قالتها الأم و تركت الصالة و ذهبت الى مطبخها .
و عندما همّـت شيماء للقيام استوقفها أبيها قائلا : " تعالي شاهدي تلك الأخبار , زلزال مدمر في جنوب الصين "
فجلـَست شيماء مجبرة و قالت : " الله يتولاهم برحمته "
فقال لها دون ان ينظر إليها : " ما أخبار الجامعة ؟ "
- " جيدة "
- " هل يوجد مشاكل ام كل شي يسير كما يرام "
- " نعم كل شي يسير كما يرام "
هز رأسه و تابع مشاهدة التلفاز ثانيا . .
و
هنا مضت نحو غرفتها و أخرجت من حقيبتها ما بها و مددت على سريرها و أخذت
تنظر الى هاتفها و كأنها تنتظر شي ما حتى سمعت أمها تقول : " هيا يا شيماء
الغداء جاهزا "
و بسرعة قامت بتغير ملابسها و ذهبت الى صالة المنزل لتناول الغداء مع أبيها
و أمها و نورا أختها الصغيرة التي تصغرها بـثمان أعوام كاملة , و لديها
أيضا أخوها سمير و لكنه في المدرسة في المرحلة الثانوية ...
و عندما انتهت من غدائها انتقلت إلى غرفتها و شرعت في مذاكرة محاضراتها . . .
مرت
تلك الأيام على خير و سلام , و تخرجت شيماء و قررت العمل في إحدى البنوك
الخاصة مع أبيها بعد حصول على قسطا وافر من الراحة , و كان قد مر على
تخرجهم أسبوعا واحدا ...
بينما شيماء جالسة تلعب مع أختها الصغيرة لعبة الأطفال و الكبار و هي
"الأستغماية" و والدها جالس يقرأ الصحف فكان هو يوم الجمعة حيث يوم الأجازة
و الراحة و أمها تشاهد التلفاز بصوت خافت , أما سمير أخاها لم يكن في
البيت فكان مع أصدقاءه في نزهة . . .
فرن جرس هاتفها فاستأذنت من نورا و قالت لها : " سوف أعود فورا "
فدخلت غرفتها و ردت على هاتفها و هي تتحدث بحرص : " مرحبا , كريم "
- " كيف حالك يا شيماء "
- " الحمد لله , أين أنت مضى أسبوع منذ آخر مرة رأيتك بها ؟ "
سكت قليلا ثم قال : " أريد ان أراكي لأمر هام من فضلك ؟ "
- " متى ؟؟ "
و علا صوته : " اليوم يا شيماء "
- " لا لا أستطيع اليوم "
فقال و هو يترجاها : " من فضلك .. سوف انتظرك في حديقتنا عند الرابعة بعد العصر "
ردت بتردد : " حســـنا "
*****
وصلت
شيماء قبل موعدهم بدقائق مرتدية تنورة "جينز" و قميص حريمي يظهر أنوثتها ,
أخذت تراقب الأطفال التي تلعب بمرح مع بعضها البعض في الحديقة , فلاحظت
فجأة ان شخص ما جلس بجوارها فالتفتت فرأت كريم بمنظر مختلف قليلا عما تعرفه
. .
كريم مبتسما : " شيماء كيف أحوالك ؟ "
ردت بهدوء : " الحمد لله , أسبوع و أنت مختفي عن الأنظار , أين كنت "
تنهد و قال بتوتر : " كنت ابحث عن عمل .. "
- " عمل , لقد أخبرتك بأن تأتي و تعمل عند أبي في البنك "
صرخ و قال : " لا لن اعمل عند أباك لا أحب ان أكون مدانا لأحد "
- " و ماذا تنوي ؟ ؟ ؟ هل تريد العمل بمفردك ؟؟ "
- " بلى سوف اعمل بمفردي و لكني مازلت ابحث عن طريقة ؟ "
- " و متى سوف تتقدم لخطبتي بهذه الطريقة ؟؟ "
- " لا أعلم و لكن دعيني أولا ان استقر في عمل ما , لا أريد إحراج منه إذا
علم بأني "عاطل" و غير ذلك أريد توفير بعض المال كي اشتري لك ذهب " قالها و
ابتسم . . .
- " هل معك مالا كي تبداء مشروعك ؟ ؟ "
- " لا تقلقي يا شيماء فأنا – و امسك يديها – أحبك جدا جدا "
أصابها
الخجل و اعتذرت له و غادرت فورا نحو البيت بواسطة سيارة أجرة , في أثناء
ذهابها رن هاتفها فظهرت الابتسامة على شفتيها و ردت بسرعة : " هناء حبيبتي
كيف أحوالك ؟؟ "
- " أنا بخير و لكن من يكترث "
- " اعذريني يا هناء و لكن أجهز أوراق للعمل مع أبي في البنك "
و هنا نظر السائق إليها عبر المرآة و لكنها لم تعره اهتماما
- " تهانينا "
- " أشكرك و أنتي كيف أحوالك ؟ "
- " بخير و لكن أبي رفض ان اعمل و اكتفى بذلك و قال لي انتظري حتى يأتي نصيبك " قالتها باستهزاء
- " و أنتي ما رأيك بذلك "
- " اعلم أبي بماذا يفكر , يريد ان يزوجني لأبن عمي الشاب "الدلول" الذي لا يعرف في حياته سوا الترف "
ضحكت شيماء بصوت عالي مما اثر سمع السائق و لكن عندما انتبهت نظرت إليه بعين خفية و أصدرت همهمة
فقالت : " حسنا يا هناء متى سوف أستطيع ان أراكي ؟؟ "
- " لا اعلم و لكن سوف اتصل بكي حالما أرى الوقت مناسب "
- " و هو كذلك "
- " حسنا مع السلامة "
- " مع السلامة "
******
مر
أسبوع آخر دون ان يحدث اتصال بين شيماء و كريم , مما كثرت لقاءات شيماء و
هناء كثيرا فكانت تشكو لها ما يحدث لها دائما و انه لم يعد يطمئن عليها كل
يوم مرة او مرتين كما كان يفعل أيام الجامعة ,
كان رد هناء : " بتأكيد و انه يبحث عن عملا او ما شابه "
- " حسنا يخبرني , فانا أول من أتمنى له النجاح و سوف أكون سعيدة بذلك "
- " هل قمتي بالاتصال به ؟ "
هزت رأسها كناية عن الرفض و قالت : " أنا لدي كرامة و لن اذلل نفسي له , إذا كان لديه جديد فليتصل بي "
و
هنا دخلت والدتها و هي تحمل صينية العصير فسرعان ما قامت هناء بأخذ
الصينية منها و شكرتها على العصير , أخذت أولا هناء كأسها و أفرغته على مرة
واحدة ,
فأخذت شيماء هاتفها و اتصلت بـكريم و العرق يتصبب منها و كأنها تنتظر ان يطلق احدهم الرصاص عليها . . حتى سمعت : " مرحبا "
بلعت ريقها و قالت : " كريم .. كيف حالك ؟ "
- " الحمد لله , من الجيد انك اتصلتي , فقط لأني أريد ان أخبرك بأني وجدت عملا سهلا جدا بمقابل سخي "
عندما سمعت تلك الكلمات أشرقت أساريرها و قالت : " عملا ,, أين ؟ "
- " سوف أخبرك عندما أراكي هل تستطيعي اليوم ؟ "
ثم نظرت الى هناء و كأنها تقول ماذا أقول له ,
ثم قالت : " حسنا سوف أأتي مع هناء في ذات الحديقة بعد ساعة "
- " حسنا حبيبتي الى لقاء "
نظرت هناء إليها و قالت بتعجب : " و ما دخل هناء في الأمر بمرمته "
- " أنتي صديقتي و يجب ان تقفي بجواري , يقول بأنه وجد عملا مناسب و سهل و مقابله سخي جدا "
ابتسمت هناء : " افرحي ها قد وجد عملا "
- " حسنا هيا بنا "
*****
خرجت شيماء من غرفتها فوجدت أبيها يقول لها : " شيماء لدي مفاجأة من أجلك ؟؟ "
فجلـَست بجواره متشوقة و قالت : " ما هي ؟ ما هي ؟؟ "
- " هل تستطيعي التخمين ؟؟ "
- " لقد تم صرف لي علاوة لي في البنك ؟؟ "
- " لا "
ظلت تفكر : " أوه تم ترقيتي "
ضحك و قال : " لم تتمي أسبوعان في البنك كيف تتم ترقيتك , على كل حال الأمر ليس له علاقة بالعمل "
أصاب شيماء الاستغراب قالت : " ما هو اذا ؟؟؟ "
تنهد أبوها و قال : " هل تتذكري محمد الذي يعمل في شباك الإيداع الذي رأيتيه في مكتبي أمس "
ظلت تفكر و كأنها لا تدري ماذا يقال لها : " محمد , و شباك الإيداع "
ثم أضافت : " نعم أتذكره .... "
ابتسم و قال : " لقد طلب يدك مني اليوم "
يدور هذا الحديث حيث هناء تقف على بعد منهما
فنظرت شيماء إليها بشدة و استغراب ثم نظرت الى أبيها :
" متى ذلك انه لم يراني سوا مرة او مرتين ثم ثم ... "
رد بسرعة : " ثم ماذا ... , انه شاب مقتدر و أبيه من اعز أصدقائي و اعرفهم معرفة جيدة و أخلاقه عالية جدا , و غير ذلك .... "
قاطعته قائلة : " لا أريد ان اعرف .. "
رد أبيها باستغراب : " لماذا "
صمتت لفترة ثم قالت : " لا أفكر بالزواج الآن "
- " حسنا ليست مشكلة غدا سوف أستضيفه في مكتبي و تتكلمان سويا و سوف نؤجل الخطبة بعد سنة ما رأيك ؟؟ "
- " رأيي في ماذا ؟ "
- " بـمحمد ؟ "
- " لا يا أبي أشكرك لا أريد الزواج الآن ولا أفكر فيه مطلقا "
و
تركته و دخلت غرفتها و أغلقت الباب و ظلت تبكي , حتى حاولت هناء الدخول
فاضطرت للسماح لها كي لا يشعر أحد من البيت بأنها تبكي او معترضة على الأمر
بسبب كريم ,
فدخلت و جلـَست بجوارها و حاولت أن تهدئها و لكنها تبكي بشدة وضامه رجلها لصدرها ومسنده رأسها على ركبتها . . .
فقالت هناء : " هيا كريم ينتظرك ... "
بسرعة نهضت و قالت : " لا أريد ان أراه و ها هو هاتفي " و مسكت هاتفها و أخرجت بطارية الطاقة منه
فقالت هناء : " ما الأمر يا شيماء , من حقك رفض او قبول هذا الشاب الذي يتكلم أباكي عنه "
فقالت
شيماء بهدوء : " لا لا يا هناء , عندما يأخذ أبي قرار يجب الانصياع إليه
كما حدث في امر الكلية , كنت على وشك دخول الإعلام و لكنه رفض و اصّـر على
دخولي التجارة كي أتوظف في البنك الذي يعمل به , و نفس الأمر في زواج من
ذلك الشاب بتأكيد هناك مصلحة مشتركة و سوف يجبرني على الزواج منه , أنا
اعلم "
فقالت هناء : " و كريم ما ذنب له , ان مشكلته فقط هي مشكلة وقت ليس إلا , تعالي انه ينتظرك "
و الدموع في عينيها قالت بهدوء : " حسنا حسنا .. "
*****
- " شيماء يجب ان تعلمي جيدا بأني مستعد كي أوهب حياتي بأكملها لك "
تجلس هنا شيماء مع كريم بينما هناء بعيدة عنهم تتأمل المناظر الطبيعية . . .
فقالت له : " و ما هذا العمل ؟؟ "
- " منير وجد لي عملا مميز جدا .. "
- " ذلك منير ثانيا ؟ ؟ "
- " ما الأمر ؟ "
- " لا شيء , فانا لا أطيقه و قلت لك ان لديه عقل الشيطان "
- " لأنه وجد لي عملا كي اجلب منه رزق حلال يصبح شيطانا ؟؟ "
و كي تنهي الموضوع : " و ما هذا العمل ؟ "
رد بسلاسة و يسر و هدوء : " لقد عملت مساعدا عند سيدة غنية جدا ... "
نهضت شيماء من مقعدها و قالت مستغربة : " خادما ؟؟ "
- " و ما المشكلة ما دام يجلب لي الرزق الحلال ؟؟ "
-
" و ما المشكلة ؟؟ , اذا منير الذي جلب لك هذا العمل اذا ؟؟ , و أنا أقول
لنفسي تمضى الأيام و لا ترفع السماعة و تخبرني , - ثم صرخت و قالت - لقد
رفضت العمل عند والدي في البنك بحجة أنك لا تريد ان تكون مدين لأحد بالرغم
انه سيعطيك مركزا اجتماعيا لم تكون تحُلم به و الآن تقول انك عملت خادما
عند امرأة "
- " هل انتهيت ؟؟؟ "
- " لا "
- " أكملي ... "
- " اليوم زميل أبي في العمل طلب يدي منه و أبي مصّر على إتمام هذه الزيجة "
ضحك كريم و قال : " لوعة الغيرة تجعلك تخترعي القصص , يا للنساء ! "
جلـَست و قالت بهدوء : " لا , لا اكذب و اسأل هناء إذا كنت لا تصدقني "
ظل يفكر قليلا ثم قال : " حسنا تستطيعي رفضه اذا كنتي تحبيني "
- " و أنت ماذا تفعل ؟؟ , لم تقدم على شيئا , قلت لك اذهب إليه و اطلبني منه على الأقل لم توافق "
- " و ماذا أقول له اعمل "
- " إذا أنت تعلم بأن عملك عارا ؟؟ "
- " عارا ؟؟؟ " قلها و الصدمة على وجهه
فتركها و غادر الحديقة و ترك تلك المسكينة وحيدة على مقعدها , فتقدمت هناء إليها و قالت لها :
" ما الأمر "
- " لا اعلم ....... لا أعلم " و رأسها إلى الأسفل
- " هل أعلمتيه بموضوع خطبتك على صديق أباكي "
التفت إليها و قالت : " نعم "
ثم صرخت هناء : " لماذا ؟؟ لا يجدر بكي ان تخبريه الآن "
- " انه يعمل خادما عند سيدة و محرج بأن يقول ذلك لأبي "
- " خادما ؟؟؟ "
- " نعم خادما عند امرأة .... "
بعد
هذا اللقاء بأيام اتصل بها و اعتذر لها عن تصرفه السيئ عندما كانا في
الحديقة و اخبرها بأنها مسألة وقت ليس إلا و انه سوف يترك العمل عندها بلا
شك و لكن عند توفير مالا يستطيع خطبتها به , و أخبرها بأن المقابل مغري جدا
مقابل عدد ساعات قليلة من العمل , و قريبا سوف يخبرها بخبر سارا , و لكن
عليها ان تصبر و تحاول رفض ذلك الشاب الذي تقدم إليها مؤخرا , و بالطبع لم
تملك شيماء إلا أن تمشي وراء خطواته
*****
مر
ستة اشهر دون إضافة جديد في تلك الأحداث , فكان كل مرة تتصل شيماء به كان
يخبرها بأن الأمر ليس بيده و انه يحاول جاهدا بتوفير عملا آخر غير هذا , و
انه لا يريد ذلك العمل و لكنه مضطر الى ذلك . .
السيدة
حياة . . . تبلغ من العمر ثلاثون عاما فهي إمراة جميلة جدا و لديها جسد
فتان , فهي تعمل راقصة في إحدى النوادي الليلية و هي مطلقة و ليس لديها
أولاد , عمل كريم لديها يتلخص في انه يقضي لها مشاوريها في العمل أو
مشاوريها الخاصة و كانت تعتمد عليه اعتماد كلي , و لكن كريم دائما ما كان
يشتهي لجسدها و لكنه لا يملك تلك الصلاحية و لم يعد ان يحتمل اكبات شهوته
داخله و خاصة بأنه دائما ما كان يراها في بيتها في قميص النوم القصير الذي
يكشف فخذيها حتى موطن أنوثتها , و هو يحاول بأن لا يظِِِِِهر اهتماما لذلك
كي لا تشك في أمره و تطرده من العمل فكان يسترق النظر كلما سنحت له الفرصة
,, حتى ذات مرة و عندما انتهى من عمله تقدم إليها و طلب منها طلبا غريبا . .
. .
- " هل أستطيع دعوتك على العشاء اليوم على حسابي ؟؟ "
- " و ما المناسبة ؟؟ " فهي شخصية جادة
- " لا شي و على العموم انا متأسف لتعدي حدودي ... "
ابتسمت و أغمضت عيناها : " حسنا لا بأس "
جلـَست
حياة على كرسيها في مطعم فاخر جدا و كذلك جلس كريم و طلب عشاء فاخر يليق
بها كسيدة أنيقة و جميلة , و عندما فرغا من العشاء قال لها : " مدام حياة
لدي طلب يتعدى كل الخطوط الحمراء "
ضحكت ضحكة خفيفة و قالت : " كل الخطوط الحمراء ,, أنا أعرفك جيدا , ما هذا الطلب ؟؟ "
- " بالرغم من فارق السن الكبير , و بصراحة أي شخص لا يعرفك جيدا لن يعطيكي اكتر من 25 عاما "
ضحكت مرة أخرى ضحكة خفيفة و قالت : " ادخل بالموضوع ... "
- " حسنا ..... حسنا " فتصبب العرق منه من كل ناحية و لم يكن يعرف طريقة كي يخبرها بها ,
فقال : " انا احبك , لا اعرف و لكن الحب قدرا ... " لم يستطيع إكمال جملته
بسبب ما شاهده من تغيرات في ملامح وجهها , ثم أعاد وضعه و قال : " لا لا شي
لقد تسرعت "
و هنا ابتسمت له ابتسامة حقيقة و قالت له : " و ماذا كنت تنتظر مني ؟؟ "
سكتت ثم قالت : " ان أقول لك أنا أيضا احبك و أريد الزواج منك "
قال بتنهد و ببطء شديد : " لا لا .. لم اقصد بل ..... "
- " حسنا أنت تحبني و ماذا بعد ؟؟ "
فقال لها بخوف : " لا لا لم تهتمي "
فعلا صوتها : " هل انا طفلة صغيرة كي تلهو معي , اذا نطقت بكلمة أتمها , يجب أن تحترم مع من تتحدث "
أحرج كريم هنا فقال : " أنا أسف .... , و لكن أريد الزواج منك "
حياة سيدة بالغة و بالتأكيد قيل لها تلك العبارات من قبل و بالتالي لم
تستحي او تحرج عندما سماعها مجددا من شخص يصغرها بـثمان سنوات على الأقل ,
فحاولت حياة أن تنهي الموقف ليس حرجا و لكن كي تعطي لنفسها الوقت للتفكير و ان تعطي أيضا لكريم فرصة للتأني في طلبه او قراره ....
قام كريم و دفع الفاتورة و خرجا من المطعم و ذهب كلا منهم الى مقصده . .
ظل
يفكر كريم بما فعله و حمد الله بأنه لم يعترف لحياة منذ بداية عمله معها
بأنه يعمل من اجل خطبة فتاة أخرى و إلا كان ذلك سوف يعقد الأمور أكثر . .
و لكنه يحاول ان يأتي بطريقة ما كي يخبر شيماء بها فهو لا يستطيع ان يتزوج
اثنان لذلك قرر ان ينتظر حتى يأخذ الرد منها , مر يومان دون ان تتحدث معه
في ما دار بينهم فكانت تتحدث معه عن عملها و كأن شيئا لم يحدث فأيقن تمام
اليقين بأنها رفضت بأفعالها و لكن أخاف ان تطرده من العمل و عند انتهاء
اليوم أخبرته بأنها موافقة , .......
- " موافقة "
- " نعم و لكن بشروط "
- " و انا تحت أمرك فيما تريديه "
- " أولا أريد أن يكون زواجنا سرا و العمل كوم و حياتنا الشخصية كوم آخر "
- " ليس لدي مشكلة "
- " لا تقاطعني "
أحرج و اعتذر لها ,
- " ثانيا أمر الطلاق بيدي و ثالثا أريد ان اشعر بأني عروس كي أي عروس أخرى , لذلك أريد منك شراء طاقم من الذهب الخالص "
سكتت لم قالت : " هل تستطيع ؟ "
هز رأسه و قال : " لكي ما تريدين .. "
ثم أضاف :" متى ,, اقصد ... "
قاطعته بسرعة : " لا تقلق قريبا "
بعد هذا اليوم فكر كريم بطريقة كي يخبر شيماء فطلب صديقه منير
- " الحق معك فانا مخطئ لم يكن من المفروض أن أأتي لك بعمل كهذا "
- " لا يا منير فهو الحب , فقد شعرت مع هذه السيدة بما لم أشعره مع شيماء "
بتهديد : " كريم ... اسمعني هذا السيدة اكبر منك و أغنى منك بكثير , لماذا تريد ان تتزوجها ؟ "
- " الصراحة أعجبت بها و لجسدها الأنثوي الفتان "
- " يا غبي الجسد يتغير و غدا سوف تكره أن تنظر حتى إليها "
- " حسنا أريد الاستمتاع بجسدها اليوم و غدا لكل حادث حديث "
- " لا أنت مجنون . بالطبع أنت مجنون و ماذا تريد مني ؟؟ "
- " أريد منك طريقة لأخبر شيماء بها , كي أستطيع ان أتخلص منها "
- " و ما ذنبها ؟ "
- " لم أحببها كما أحببت حياة "
- " بإذن الله سوف تكون لك ممات "
- " لا تقلق , إذا اطـّر الأمر و أخذت مالا من حياة سوف أتزوج شيماء فيما بعد " و ابتسم . . .
فقال منير بحسرة : " لقد سمعت من شخص ما بأني شرير و لكني اعترف . . .. لست مثلك "
هنا شعر كريم بالضيق فقال له : " لا أريد نصيحتك و أنا سوف أتدبر الأمر بمعرفتي "
- " و هذا أفضل "
- " لا أريدك ان تنطق بكلمة , هل فهمت "
ثم رفع هاتفه و طلب شيماء فردت عليه فور اتصاله ,,
- " كريم كيف حالك ؟؟ "
صمت قليلا : " شيماء أريد رؤيتك لأمر ما "
- " ما الأمر ؟؟ "
- " لا تقلقي سوف انتظرك بعد ساعة في الكافتيريا التي تبعد عنكم بشارعين "
- " حسنا حسنا " و أغلقت السماعة فورا و ظنت بأنها تنتظر نبأ سار . .. . .
- " كريم من فضلك لا تجرح تلك الفتاة "
رد بتوتر : " أصمت "
- " على الأقل اخبرني ماذا تريد ان تفعل ؟؟ "
ضحك و قال : " سوف أخبرك عندما انجح و تعـَـلم من صديقك أيها الأبله "
*****
-
" شيماء لا اعرف كيف أبدا بالحديث معكِ , و لكني كنت طوال هذه الفترة أفكر
و أحاول كي أرى نهاية لما أنا فيه ,, لقد تركت العمل عند تلك السيدة لأني
شعرت بأني لا أطيق العمل بهذه الشكل , و انا الآن ابحث عن عملا آخر , و
أنتي تنتظري و تنتظري , و أعلم انك ترفضي شباب أفضل مني من أجلي .... "
قاطعته مبتسمة : " لقد قلت لك تعالى و اطلبني من أبي , وهو عندما يراك و يعرفك أكثر لن يهتم الآن بفكر العمل و بالتأكيد سوف يساعدك "
- " هل أخبرتي أبيكي بشأني "
- " بالطبع لا , و إلا كان قتلني "
تنهد و
تكلم معها دون أن ينظر إلي عينيها : " لا أعلم يا شيماء ... لا أعلم إذا
كنتي سوف توافقينني على قراري أم لا , لقد جاءت إليّ فرصة العمر و لا أريد
أن أضيعها "
بفرح : " أي فرصة ؟؟ "
نظر إليها بثقة وتحدث و كأنه تدرب عليها يومان : " أخي إسماعيل مهندس في
البناء , سوف يسافر الأسبوع القادم إلى الشارقة في الإمارات , و عرضت عليه
أن يأخذني معه كي أبداء حياتي هناك و أنا أعدك عندما تستقر أموري هناك سوف
أتقدم لخطبتك "
ظلت تفكر و تفكر و تضع إطراف أظافرها داخل فمها الصغير ثم نظرت إليه :
" كريم هل هذه خطوة مناسبة لك ؟ "
- " بالتأكيد "
- و لكن تبقى بلدنا أفضل من غيرها "
- " اعتقد بأننا يجب أن نغامر في مكان آخر كي نتأكد بأنها الأفضل "
و
أمسك يديها و قال : " شيماء انه سفر و عناء و مشقة , كل هذا من أجل من ؟؟
أجيبيني ... فهو من أجلك أنتي , إذا كانت أتت إلي فرصة سانحة هنا لما كنت
غادرت بلدي , و لكن انه كأس لجميع الشباب "
فأبعد يداه و وضعهم على أهمة الاستعداد و كأنه ينتظر الإجابة اذا نجح في خداعها ام لا ,,
- " لا يا كريم انا احبك و لا أريدك ان تبتعد "
- " هل انا سوف أسافر في نزهة , لا تقلقي في اقل من سنة بإذن الله و سوف تجديني أدق باباكم "
ثم أضاف : " إذا اردتي الاتصال بي او إرسال خطاب , من فضلك أرسليه إلى منير صديقي و هو سوف يرسله إليّ , إلى أن تستقر أوضاعي هناك "
و هنا صنع كريم ابتسامة على شفتيه كي يعطيها بعض الحماس , .....
و بذلك نجح كريم بالابتعاد عنها كي يستطيع الزواج من السيدة حياة و ظن بأنه ذلك نال مراده ...
*****
عادت
شيماء إلى بيتها و لا تعلم النهاية التي تنتظرها , و هل هي في صالحها أم
لا , اتصلت بهناء صديقتها و أخبرتها بأنها تريدها الآن أن تأتي إليها . . .
.
دخلت هناء و رحبت بجميع افرد الأسرة
بسرعة و دخلت غرفة شيماء , فلاحظت شيماء قدومها فسرعان ما قامت و أغلقت
الباب و جذبتها ناحيتها و جلـَست على السرير .. .
و قالت بصوت خافت : " كريم يريد السفر الى الخليج "
أصابها الذعر : " ماذا تقولي ؟ متى حدث ذلك ؟ "
- " اليوم اخبرني بأنه سوف يسافر كي يجمع المال مع أخيه و انا في حيرة , ماذا افعل ؟؟ "
هناء و كأنها تحدث نفسها : " ما هذه المصيبة ؟؟؟ "
- " إذا كان الأمر يتوقف عليّ وحدي سوف انتظر , و لكن إذا أتي أحدا ما لخطبتي ماذا أقول لأبي ؟ "
ردت هناء : " لا أعلم ماذا أقول لكي و لكن لدي رأي "
- " ما هو ؟؟ "
- " أخبري أباكي عنه و لا تقولي له كل الحقيقة أخبريه فقط بأن هناك شابا في
نفس سنك كان يدرس معك الكلية و أراد الزواج منك و لكن قرر تأجيل هذا
الموضوع إلى ان يعود من الخارج .... "
- " لا هذا ليس برأي صائب "
*****
- " حياة ... "
- " ماذا ؟؟ "
- " انا احبك "
قالها كريم لحياة او للسيدة حياة على فراشهم الزوجية بعد إتمام ما أراده منها ,
فنظرت حياة إليه بحب و قالت : " هل أنت سعيد ؟ "
مسح على شعرها بيده و قال : " من يكون مكاني و لا يكون سعيدا , إذا هو بدون مشاعر و أحاسيس "
ابتسمت السيدة حياة و قامت من فراشها عارية و دخلت الحمّـام لتأخذ حماما ساخنا . . .
فقال كريم لنفسه بفخر : " لقد فعلتها ..... نعم لقد فعلتها "
مر
على زواجهما شهران متتاليان و كان تقريبا كل أسبوعين او ثلاث ترسل شيماء
إلى كريم رسالة او رسالتين بواسطة منير , كانت تستفسر منه ماذا حدث معه هل
الأمور على ما يرام او هناك عائق او عقبات و لكن لم يكن يرسل ردا واحد مما
أثار قلقها , و قررت ان تقابل منير شخصيا لمعرفة ماذا يحدث معه , لقد أرسلت
لكريم أكثر من عشرة خطابات و لكن لم يصلها ردا واحدا , لأنها كانت ترسل
تلك الخطابات عبر الرسائل القصيرة كما يدعونها SMS و لا تقابله شخصيا , هذا
كان شرط كريم . . .
*****
دقت
ساعة المنبه و أشارت الى التاسعة صباحا و اليوم الجمعة , استيقظت شيماء
بسرعة و اتصلت بهناء كي تأتي معها لمقابلة منير العقل المدبر لكريم , و
طلبت منه ان يقابلها في مقهى سياحي مشهور . . .
هناء يائسة و تخبط على الأرض برقة : " مضى أكثر من نصف ساعة على انتظارنا له و لم يأت بعد "
و شيماء تتلفت حولها : " لا تقلقي سوف يكون هنا قريبا انه وعدني "
لم يلاحظا إلا منير يرتدي ملابس أنيقة للغاية كي تنال إعجاب شيماء بها و لكن لم تهتم فجلس منير و طلب نسكافيه من النادل ,
هناء تحدث منير باستهزاء : " ما الذي أخرك هكذا ؟؟ "
رد منير ببرود : " أنها المواصلات يا آنسة "
و بسرعة ألفتت شيماء انتباهه : " منير , لقد أرسلت إليك تقريبا عشرة رسائل و
لم يصل إليّ ردا واحد من كريم , ما الأمر و لا تكذب عليّ ؟ ؟ "
و كأنه لا يعرف شي : " لا أعلم لقد قمت بإرسال الرسائل التي ارسلتيها إليّ و ...... "
- " هاتفك ....... "
باستغراب : " ماذا ؟ "
فقالت ببطء و بثقة : " أعطيني هاتفك " و مدت يداها إليه و أخذت هاتفه منه و
أخذت تقلب في محتوياته ثم قالت : " لماذا قمت بمسح رسائلي ؟؟ "
و باستهزاء : " و لماذا احتفظ بها ؟؟ "
- " أعطيني رقم هاتفه في الأمارات "
- " أنا أرسل الرسائل إلى هاتف أخيه إسماعيل , فهو لا يحمل هاتفا الآن .. . "
- " أين رقمه ؟؟ "
فشعر منير أنه في ضيق و حرج فأخذ هاتفه منها و بدأت أصابعه تتحرك في أجزاء الهاتف ثم أعطاها الهاتف و قال : " ها هو رقمه . . . "
قامت بتدوينه على هاتفها و لكن حاول يمنعها و لكنها لم تهتم ثم قالت له : " تفضل هاتفك و أشكرك "
فقال لها بتوتر : " أنتي هكذا تضعيني في مأزق , لا أريد أن استقبل كلمة سيئة من كريم "
- " لا تقلق "
و هنا جاء النادل و هو يحمل النسكافيه الذي طلبه منير منذ قليل فقدمه له و انصرف
فقامت شيماء بالاتصال بالرقم المذكور فأجابت فتاة صغيرة و عندما سألتها عن
كريم او إسماعيل أجابت بأنها لا تعرف شيء عنهم و ان هذا الرقم ليس تابعا
للإمارات بل لدولة فلسطين . . .
و هنا أصاحب منير بالإحراج . . ..
اعتذرت شيماء إليها و أغلقت هاتفها و وضعته على الطاولة ..
وقالت : " ما الأمر اذا , اخبرني ... "
ابتسم ابتسامة بسبب ضيقه : " أي أمر ؟؟ "
- " يا منير أريد الحقيقة من فضلك ؟؟ أين كريم ؟ "
عندما هدأ قال : " حسنا و لكن أعطيني وعدا صريحا بأنك تتصرفي بحكمة و بدون تهور"
- " حسنا أوعدك و لكن اخبرني "
- " إن كريم ... كريم , تزوج تلك السيدة الذي كان يعمل مساعدً لها "
سمعت
تلك الجملة و بسرعة اخفت فمها بيدها بسبب الصدمة بينما هناء تهدئها بيدها و
منير أصبح محرج لأنه شارك في تلك الكذبة , فقالت شيماء : " منذ متى ؟؟ ...
تكلم "
- " منذ شهرين تقريبا "
ثم أضاف : " صدقيني لقد نصحته بالإتبعاد عنها و لكن عبث , أصّر على ان ينفذ مراده "
دفنت وجهها بيدها و أخذت تفكر و تتذكر و تشاهد أمامها شريط متسلسل لما حدث ...
فقالت : " أشكرك يا منير , أشكرك جزيل الشكر , أكمل النسكافيه على اقل من مهلك "
التفت هناء إليها و قالت : " ما الذي سوف تقومي به الآن ؟؟ "
و الدموع تتساقط من عينها : " لا شي " فغادرت شيماء المقهى و لحقتها هناء بعدما دفعت الفاتورة ,
هناء تركض وراء شيماء و تصرخ : " شيماء ... شيماء .... انتظري "
و مازالت تمشي و تمشي : " اتركيني , أريد ان أكون وحيدة ؟ "
- " لا لا يا شيماء , من فضلك قفي و اسمعيني "
وقفت فجأة و قالت بشدة : " قلت لكي اتركيني "
- " هذا ليس عدلا , لن تتوقف الحياة من اجل كريم "
*****
بينما
كريم يأخذ حماما ساخنا للمرة الغير المعلومة , و حياة تنظف غرفة نومها
فلاحظت بوجود رسالة قصيرة على هاتف كريم , فتناولته بحرص و هي تلتفت خلفها
فوجدت هذه الرسالة :
" كريم , شيماء علمت
بأنك تزوجت و هي حزينة جدا عليك او منك لا أعرف , انت اخترت الجسد دون
القلب , شيماء قلبها طاهر لم يكن المفروض ان تكسره , كان يجب ان تصارحها
بأنك أحببت عليها سيدة ذات جسد فتان زائل , هنيئا لكما , . . . . منير "
شعرت
حياة بنفس الصدمة التي شعرت بها شيماء , و لكن هنا كجاني و ليست كضحية ,
فجلـَست حياة على مقعدها عندما استقرت حالتها و في يدها هاتف كريم تنتظره .
.
دخل كريم الغرفة مرتدي فوطة الحمّام و أخذ يبحث عن ملابس داخلية كي يرتديها ,
فقالت حياة و هي تلوح بالهاتف بيدها بهدوء : " لقد وصلت لك رسالة من أحدا يدعى منير "
وهنا التفت كريم إليها بشدة و قال : " قلتي من "
ببرود : " منير , يخبرك بأن فتاة تدعى .. تدعى شيماء علمت بأنك تزوجت إمراة ذات جسد فتان "
فسرعان ما أخذ الهاتف منها و كي يحاول دفن الموضوع صرخ و قال : " كيف تقرأ رسائلي الشخصية ؟ "
بتهديد : " و أنت كيف تصف جسدي لصديقك ؟؟ "
نظر إليها باستغراب , فقالت له : " و كسرت قلب فتاة شابة من أجلي ؟؟ "
سكتت ثم قالت باشمئزاز : " لا ليس من أجلي , بل من أجل - و صرخت- شهوتك الحقيرة "
لم
يستطيع كريم ان يضيف كلمة واحدة فكان مصدوما من الموقف , فاتكأ كريم على
السرير و رأسه على الأرض خوفا من النظر إليها , فأضافت : " أنت لا تستحقني ,
هيا اخرج من هنا "
نظر إليها باستغراب شديد و لكنها قالت له بصراخ : " الم تسمع , هيا اخرج من هنا "
و هنا عدل موضعه و قال بثقة : " هل تظني الأمر بتلك السهولة "
ضحكت حياة باستهزاء : " بيننا ورقة لا قيمة لها , إذا أعدمت تصبح محرما عليّ "
ثم أعادت ضحكتها فرفعت السماعة للاتصال بحارس البيت فقالت له : " من فضلك تعال الآن "
فذهبت حياة إلى الباب و فتحته على مصراعيه تنتظر ذلك الحارس حتى جاء إليها . .
فقلت له : " هل ترى ذلك الشاب ؟؟ "
فنظر إليه بهدوء راءه مرتديا الفوطة فقط و في حالة مزرية
فقالت له : " عليك به من هنا " و أعطته مبلغا من المال
فسرعان ما أخذه من شعره و طرده خارج البيت , بالفوطة . . . . . .
******
صرخ أبيها : " شيماء . . . . يا شيماء "
جاءت شيماء و هي تحمل دبها الأحمر الصغير فقالت : " نعم يا أبي "
- " تعالي اجلسي بجواري "
فجلـَست بجواره بهدوء و خلع نظارته و قال : " يا ابنتي لقد اتصل بي محمد
الذي سبق و طلب يداك مني , اتصل بي لأنه قادما اليوم لخطبتك "
اندهشت شيماء و وقفت أمامه و قالت : " من الذي أخبرك بأني أريد الزواج , لا لا يا أبي "
و تركته و اتجهت نحو غرفتها و هي تقول : " لا أريد الزواج بأحد لا أريد الزواج بأحد ... "
حتى أغلقت الباب و اختفت عن أعين أبيها .
******
مر
أسبوعان كاملان و هي تحاول مسح بقايا كريم من ذاكرتها , حتى فكرت بالتجول
في شوارع المدينة في أصيل الغروب , و لكن رآها كريم مصادفة في إحدى المقاهي
السياحية و بدون استئذان جلس بجوارها
فعندما شعرت به نظرت إليه بحدة و قالت بصوت خافت : " ما الذي أتى بك إلى هنا , هيا اخرج "
- " من فضلك يا شيماء انتظري "
- " هيا قلت لك اخرج قبل ان اصرخ و اجعل يومك كلون شعرك " فهو شعره اسود غامق
- " شيماء أريدك لي , أريد ان أكمل باقي حياتي معكي , لقد أخطأت . . . . "
فأشارت إلى النادل و قالت : " من فضلك هذا يتحدث معي و كأنه يعرفني , من فضلك أخرجه من هنا "
فنظر إليه النادل : " من فضلك يا سيد اتركها و شأنها "
فقال له و عيناه عليها : " حسنا ... حسنا " و تركها و غادر المقهى و لكن
شعرت بأنها سوف تكون مطاردة دائما و أنها يجب ان تجد حلا لهذا . . .
*****
مر أسبوع آخر , و طوال الأسبوع يحاول ان يتصل كريم بها و لكن لم تجبه حتى جاءت إليها هناء و طلبت دعوتها على الغذاء في الخارج . ..
بعدما فرغا من تناول الغداء في إحدى المطاعم الهادئة قالت هناء لها : " أريد أن أتحدث معك في موضوع "
- " تفضلي "
- " كريم ! "
- " ما به ؟؟ "
- " لقد اتصلي بس و حالته يرثى لها , ..... "
- " هناء , من فضلك لا تتدخلي في هذه أمور "
- "انتظري , لقد شعر بخطئه و مستعد للاعتذار "
نظرت شيماء إليها و قالت بتهديد : " إذا تلفظتي بكلمة أخرى بخصوصه سوف أتركك و اذهب "
- " حسنا ... حسنا "
- " هيا بنا الى البيت لقد قمت بشراء فيلم جديد , هيا بنا كي نشاهده سويا "
- " حسنا هيا بنا "
دخلت شيماء و هناء إلى الغرفة و أخذت بتشغيل الفيلم عبر اللاب توب , بينما تسمع عن بعد بأن هناك ضيف ,
هناء : " يبدو ان هناك ضيفا في الخارج "
فسمعت شيماء أبيها يقول : " تفضل تفضل "
بينما هناء متشوقة لمشاهدة أحداث الفيلم , فسمعت هذا الضيف يقول :
" سيدي العزيز , أنا أتقدم إليك اليوم و أطلب يدك ابنتك الآنسة شيماء و أأمل بك أن توافق "
عندما سمعت شيماء تلك العبارات قامت بإغلاق الجهاز و قالت لهناء : " انصتي انصتي "
فردت هناء : " انه عريس جديد لك "
فسمعت فجأة صوت يناديها : " يا شيماء , يا شيماء "
بينما شيماء محرجة جدا , ولا تريد الخروج : " لا لا لا لن اخرج أبدا ... لا لا لا "
فحاولت هناء تهدئتها : " اذهبي و أخبريه بأنك لا تريديه "
عندما سمعت شيماء هذا الجملة شعرت انه الصواب فقالت : " صح الحق معك سوف أقول له لا أريدك "
فنظرت عبر المرآة و أخذت تعدل في شعرها قليلا ثم خرجت الى الصالة فوجدت شابا يجلس أمام أبيها
فقالت : " الم اقل لك يا أبي باني لا أريد ......." , و لكن دققت النظر
أكتر .... فأكثر ... لا , أنها تعرفه جيدا ,, انه منير زميلها أيام الجامعة
, و كأنها تحدث نفسها : " منير ! . . . "
منير يلبس بذلة أنيقة تليق بالموقف , فوقف و قال : " آنسة شيماء , انا يسعدني ان أتقدم لخطبتك , بعد موافقة أبيكي أولا "
ابتسم أبيها ابتسامة ساحرة , ثم نظرت الى أبيها بحرج و قالت بهدوء : " كما ترى يا أبي "
فجلس منير على مقعده بينما اختفت شيماء فجأة عن أعينهم و دخلت غرفتها مبتسمة و فرحة و كأنها محلقة في أحضان السحاب . . .
فنظرت هناء إليها باستغراب : " شيماء مبتسما ؟؟؟ "
فقالت برومانسية : " انه منير "
صرخت : " من ... ! "
بعد ذلك بشهر او
اقل قليلا , تم خطبتهما و علمت شيماء عن طريق مصدر خاص بأن كريم قد انتحر
لأنه علم بأنه مصاب بمرض " الإيدز " و لا شفاء له , و لكن من الذي نقل إليه
هذا المرض !! ؟؟ , . . . .
تمت بعون الله